البوزجَاني
هو أبو الوفاء محمد بن يحيى بن إسماعيل بن العباس البوزجاني، من أعظم
رياضيي العرب، ومن الذين لهم فضل كبير في تقدم العلوم الرياضية. ولد في
بوزجان، وهي بلدة صغيرة بين هراة ونيسابور، في مستهل رمضان سنة 328 هـ.
قرأ على عمه المعروف بأبي عمرو المغازلي، وعلى خاله المعروف بأبي عبد الله
محمد بن عنبسة، ما كان من العدديّات والحسابيات. ولما بلغ العشرين من
العمر انتقل إلى بغداد حيث فاضت قريحته ولمع اسمه وظهر للناس إنتاجه في
كتبه ورسائله وشروحه لمؤلفات إقليدس وديوفنطس والخوارزمي.
وفي بغداد قدم أبو الوفاء سنة 370 هـ أبا حيان التوحيدي إلى الوزير ابن
سعدان. فباشر في داره مجالسه الشهيرة التي دوّن أحداثها في كتاب (الامتاع
والؤانسة) وقدمه إلى أبي الوفاء وفي بغداد قضى البوزجاني حياته في التأليف
والرصد والتدريس. وقد انتخب ليكون أحد أعضاء المرصد الذي أ،شأه شرف
الدولة، في سراية، سنة 377 هـ. وكانت وفاته في 3 رجب 388 هـ على الأرجح.
يعتبر أبو الوفاء أحد الأئمة المعدودين في الفلك والرياضيات، وله فيها
مؤلفات قيمة، وكان من أشهر الذين برعوا في الهندسة، أما في الجبر فقد زاد
على بحوث الخوارزمي زيادات تعتبر أساساً لعلاقة الجبر بالهندسة، وهو أول
من وضع النسبة المثلثية (ظلّ) وهو أول من استعملها في حلول المسائل
الرياضية، وأدخل البوزجاني القاطع والقاطع تمام، ووضع الجداول الرياضية
للماس، وأوجد طريقة جديدة لحساب جدول الجيب، وكانت جداوله دقيقة، حتى أن
جيب زاوية 30 درجة كان صحيحاً إلى ثمانية أرقام عشرية، ووضع البوزجاني بعض
المعادلات التي تتعلق بجيب زاويتين، وكشف بعض العلاقات بين الجيب والمماس
والقاطع ونظائرها
البيروني هو محمد بن أحمد المكنى بأبي الريحان
البيروني، ولد في خوارزم عام 362 هـ. ويروى أنه ارتحل عن خوارزم إلى
كوركنج، على أثر حادث مهم لم تعرف ماهيته، ثم انتقل إلى جرجان. والتحق
هناك بشمس المعالي قابوس، من سلالة بني زياد. ومن جرجان عاد إلى كوركنج
حيث تقرب من بني مأمون، ملوك خوارزم، ونال لديهم حظوة كبيرة. ولكن وقوع
خوازم بيد الغازي سبكتكين اضطر البيروني إلى الارتحال باتجاه بلاد الهند،
حيث مكث أربعين سنة، على ما يروى. وقد جاب البيروني بلاد الهند، باحثاً
منقباً، مما أتاح له أن يترك مؤلفات قيمة لها شأنها في حقول العلم. وقد
عاد من الهند إلى غزنة ومنها إلى خوارزم حيث توفي في حدود عام 440 هـ ترك
البيروني ما يقارب المائة مؤلف شملت حقول التاريخ والرياضيات والفلك وسوى
ذلك، وأهم آثاره: كتاب الآثار الباقية عن القرون الخالية، كتاب تاريخ
الهند، كتاب مقاليد علم الهيئة وما يحدث في بسيطة الكرة، كتاب كيفية رسوم
الهند في تعلم، كتاب المسائل الهندسية.
ساهم البيروني في تقسيم الزاوية ثلاثة أقسام متساوية، وكان متعمقاً في
معرفة قانون تناسب الجيوب. وقد اشتغل بالجداول الرياضية للجيب والظل
بالاستناد إلى الجداول التي كان قد وضعها أبو الوفاء البوزجاني. واكتشف
طريقة لتعيين الوزن النوعي. فضلاً عن ذلك قام البيروني بدراسات نظرية
وتطبيقية على ضغط السوائل، وعلى توازن هذه السوائل. كما شرح كيفية صعود
مياه الفوارات والينابيع من تحت إلى فوق، وكيفية ارتفاع السوائل في
الأوعية المتصلة إلى مستوى واحد، على الرغم من اختلاف أشكال هذه الأوعية
وأحجامها. وقد نبّه إلى أن الأرض تدور حول محورها، ووضع نظرية لاستخراج
محيط الأرض
الخوارزمي
لم يصلنا سوى القليل عن أخبار الخوارزمي، وما نعرفه عن آثاره أكثر وأهم
مما نعرفه عن حياته الخاصة. هو محمد بن موسى الخوارزمي، أصله من خوارزم.
ونجهل تاريخ مولده، غير أنه عاصر المأمون، أقام في بغداد حيث ذاع اسمه
وانتشر صيته بعدما برز في الفلك والرياضيات. اتصل بالخليفة المأمون الذي
أكرمه، وانتمى إلى (بيت الحكمة) وأصبح من العلماء الموثوق بهم. وقد توفي
بعد عام 232 هـ .
ترك الخوارزمي عدداً من المؤلفات أهمها: الزيج الأول، الزيج الثاني
المعروف بالسند هند، كتاب الرخامة، كتاب العمل بالإسطرلاب، كتاب الجبر
والمقابلة الذي ألَّفه لما يلزم الناس من الحاجة إليه في مواريثهم
ووصاياهم، وفي مقاسمتهم وأحكامهم وتجارتهم، وفي جميع ما يتعاملون به بينهم
من مساحة الأرضين وكرى الأنهار والهندسة، وغير ذلك من وجوهه وفنونه.
ويعالج كتاب الجبر والمقابلة المعاملات التي تجري بين الناس كالبيع
والشراء، وصرافة الدراهم، والتأجير، كما يبحث في أعمال مسح الأرض فيعين
وحدة القياس، ويقوم بأعمال تطبيقية تتناول مساحة بعض السطوح، ومساحة
الدائرة، ومساحة قطعة الدائرة، وقد عين لذلك قيمة النسبة التقريبية ط
فكانت 7/1 3 أو 7/22، وتوصل أيضاً إلى حساب بعض الأجسام، كالهرم الثلاثي،
والهرم الرباعي والمخروط.
ومما يمتاز به الخوارزمي أنه أول من فصل بين علمي الحساب والجبر، كما أنه أول من عالج الجبر بأسلوب منطقي علمي.
لا يعتبر الخوارزمي أحد أبرز العلماء العرب فحسب، وإنما أحد مشاهير العلم
في العالم، إذ تعدد جوانب نبوغه. ففضلاً عن أنه واضع أسس الجبر الحديث،
ترك آثاراً مهمة في علم الفلك وغدا (زيجه) مرجعاً لأرباب هذا العلم. كما
اطلع الناس على الأرقام الهندسية، ومهر علم الحساب بطابع علمي لم يتوافر
للهنود الذين أخذ عنهم هذه الأرقام. وأن نهضة أوروبا في العلوم الرياضية
انطلقت ممّا أخذه عنه رياضيوها، ولولاه لكانت تأخرت هذه النهضة وتأخرت
المدنية زمناً ليس باليسير
المجريطي
ولد أبو القاسم سلمة بن أحمد بمدينة مجريط (مدريد) في الأندلس، في سنة 340
هـ، وتوفي في سنة 397 هـ عن سبعة وخمسين عاماً. اهتم بدراسة العلوم
الرياضية، فتعمق بها حتى صار إمام الرياضيين في الأندلس. كما أنه اشتغل
بالعلوم الفلكية وكانت له فيها مواقف وآراء، فضلاً عن الكيمياء وسائر
العلوم المعروفة.
ترك المجريطي مؤلفات علمية متنوعة أهمها: رتبة الحكم (في الكيمياء)، غاية الحكيم (في الكيمياء) وقد نُقل إلى اللاتينية.
عني المجريطي بزيج الخوارزمي وزاد عليه، وله رسالة في آلة الرصد،
وبالإسطرلاب. وقد ترك أبحاثاً قيمة في مختلف فروع الرياضيات كالحساب
والهندسة، فضلاً عن مؤلفاته في الكيمياء. واهتم المجريطي كذلك بتتبع تاريخ
الحضارات القديمة. ومن الدراسات المهمة التي ركز عليها المجريطي علم
البيئة.
وفي الخاتمة نقول أن المجريطي يع صاحب مدرسة مهمة في حقل العلوم، تأثر
بآرائها العديد من العلماء اللاحقين، أمثال الزهراوي الطبيب الأندلسي
المشهور، والغرناطي، والكرماني، وابن خلدون الذي نقل عن المجريطي بعض
الآراء التي أدرجها في مقدمته.
للأمانة منقول